تقدير موقف
ظهرت منذ شهرين بعض الشواهد المريبة - أكثر ريبة من نظيراتها - في مهاجمة مقرات الحرية والعدالة في مدن القناة تحديداً، وبدا أن الأمور تسير في إتجاه تبرير نزول العسكر إلى شوارع مدن القناة بدعاوي حفظ الأمن وتأمين المجرى الملاحي ومصالح الأمن القومي. وكانت هذه الشواهد تتضافر لتشير إلى اقتراب استحداث فزاعة جديدة بعد استهلاك فزاعة سيناء واستنفاد فاعليتها، وذلك بغية استحقاق وضع عسكري استثنائي في الحياة المدنية.
والترابط المنطقي الذي ظهر في الأفق حينها يمكن تلخيصه في الآتي:
• تم تحقيق أحد أهداف الحملة الدعائية ضد سيناء بنجاح كبير. وهو تفزيع عموم أهل وادي النيل من الواقع الميداني في سيناء ورسم صورة ذهنية لها وكأنها تورا بورا أفغانستان أو وادي سوات باكستان. مما يبرر التواجد العسكري الميداني في شوارع المدن وعلى الطرق ومفاصلها. (بالطبع أحداث سيناء لها سياق إقليمي كبير، ترتبط به عدة أمور داخلية وخارجية، بعضها ذو صلة بحرب غزة الأخيرة التي قتل فيها قائد الاستخبارات القسّامية، أحمد الجعبري، بعد إبلاغه الأجهزة المصرية بأن لديه ما يشهد به في قضية قتل جنود نقطة الحرية الحدودية الستة عشر، وأمور أخرى مرتبطة بسوريا، وبالانتخابات الإسرائيلية، وربما الانتخابات الأمريكية - من ناحية رومني.
• لكن سيناء تظل بعيدة عن الواقع اليومي لمعيشة أهل العاصمة ووادي النيل. فرغم التفزيع من الوطن البديل لفلسطينيي غزة ومن الجماعات المسلحة وغيرها من الأمور التي يصعب على المواطنين البعيدين جغرافياً تقصي حقيقتها أو كذبها، فإن المواطن العادي في أقرب محافظة لشمال سيناء (الإسماعيلية مثلاً) لا يستشعر خطرها عليه. كما لا يترتب عليها أي شيء ميداني ذو صلة بمجريات الأمور في المطبخ السياسي المركزي.
• فزاعة قناة السويس أقوى بكثير من حدود سيناء الشمالية الشرقية (بعد أن تم تحويل التهديد إعلامياً ومخابراتياً في السنوات الأخيرة من حكم مبارك من 210 كلم تقريباً هي حدود مصر مع الأرض المحتلة إلى 14 كلم هي حدودها مع قطاع غزة). كذلك تعد قناة السويس أكثر ارتباطاً بالمصالح المباشرة لقطاع كبير من المواطنين، بالإضافة إلى دمج الأمن القومي والدخل القومي وبعض المسلمات في الوعي الجمعي عن تاريخ القناة ودلالات تعرضها للخطر أو تعطل المجرى الملاحي.
• إقليم القناة هو أكثر أقاليم مصر غير الحدودية عسكرة وخضوعاً لهيمنة الجيش على الحياة المدنية، فتجد - مثلاً - مقر المخابرات العسكرية في قلب مدينة الإسماعيلية يقصده المواطنون لاستخراج العديد من التراخيص في الشؤون المدنية.
• إقليم القناة يحوي أكبر نسبة من السكان (بشكل لافت لأي مقيم أو باحث ميداني وإن غاب الإحصاء الدقيق) من عائلات الضباط والجنود الذين استوطنوا بعد حرب 1973، وهو إقليم متصالح وجدانياً مع العسكر الذين شاركوهم المقاومة والنضال التاريخي المسلح منذ الاحتلال البريطاني. ومن الصعب جداً إحداث رفض شعبي واسع أو غضب تجاه الجيش.
• في السويس، المدينة الثائرة العنيفة، كانت الشرطة العسكرية تبادر المتظاهرين السلميين بالهتاف "الجيش والشعب إيد واحدة" بشكل كوميدي يعكس استرضاء الجماهير ورغبة صميمة في عدم المواجهة. وهي ذاتها المدينة التي صبرت سنتين كاملتين من أجل القصاص لشهدائها الذين حوّلوا يوم الغضب إلى ثورة شعبية. ذلك القصاص الذي تبددت الآمال فيه، وتعرض خلالهما أهالي الشهداء والمصابين لكل أنواع الوعود السياسية. ثم اندلعت المواجهات المسلحة في الذكرى الثانية للثورة وسقط فيها ثمانية شهداء جدد، إحداهم طفلة تبلغ من العمر أشهراً معدودات. وهي المدينة ذات الشكاوى المرة المتراكمة من التهميش، وتوظيف الغرباء عنها في كافة الوظائف المهمة في شركات البترول وغيرها، والتخلص من مجانين مستشفى الخانكة بإرسالهم في القطارات إليها حتى ألف أهلها انتشار المجانين في شوارعها، فضلا عن عدم زيارة حسني مبارك لها طيلة 30 سنة من حكمه.
• مدينة بورسعيد – التي تنافس السويس تاريخياً في الشراسة – يستشعر أهلها الظلم الشديد والإحساس بمرار الخيانة والتآمر بسبب مجزرة الإستاد، التي وقعت لجماهير النادي الأهلي يوم 1 فبراير 2012. وهي المجزرة التي ذهبت فور وقوعها لتقصي الحقائق لصالح المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ثم سجلت رأيي فيها بناء على الوقائع الثابتة يقيناً في مقال اتهمت فيه الأجهزة الاستخباراتية بتدبيرها، وهو الاتهام ذاته الذي وجهه الدكتور محمد البلتاجي، القيادي الإخواني وعضو لجنة نقصي الحقائق البرلمانية في المجزرة، دون سابق تواصل بيننا.
وبعد ساعات قليلة من حكم محكمة الجنايات في 26 يناير/كانون الثاني الجاري بإحالة أوراق المتهمين في المجزرة من أهالي بورسعيد إلى مفتي الجمهورية (بما يعني التمهيد لأحكام الإعدام)، حصلت على شهادة خطيرة من مصدر بقيادات ألتراس الأهلي مفادها أنه "تم عقد أكتر من خمس لقاءات بين أهالي بعض المتهمين وبين قيادات الألتراس للتفاوض على تسليم بقية المتهمين الهاربين وكذلك الإفصاح عن أسماء المدبرين الذين ورطوا المتهمين الحاليين وذلك مقابل بعض المساعدة القانونية في فنيات القضية قد تؤدي لتخفيف الأحكام. وقد بدا لقيادات الألتراس أن أهالي المتهمين مضغوط عليهم بشدة. وحينما قام الشاب محمد شعبان حسنين - الذي قيل إنه مات مصدوماً من الحكم - بالصراخ في قفص الاتهام بأنه سيفصح عن كل شيء وسيعترف بكل شيء انهال عليه المتهمون بالضرب بعنف شديد أمام عين القاضي في إحدى الجلسات.." وبحسب شهادة المصدر: فإن هذا الشاب لو مات فعلاً (صرح مدير سجن بور سعيد بنفي إشاعة وفاته) فإن أغلب الظن أنه قد تمت تصفيته جسدياً. ويتابع المصدر: بعد صراخ أهالي المتهمين الذين كانوا معتصمين أمام السجن قبل إعلان الحكم أنهم سيعترفون على من ورط أولادهم تمت المجزرة والتصفية الجماعية.
هذه الشهادة يجب وضعها جنباً إلى جنب مع شهادة أشرف سليمان، خبير الاشتباكات القتالية مدرب فرق القوات الخاصة في عدد من جيوش العالم، الذي يتعاون مع الصاعقة البحرية المصرية منذ 2011 لتطوير برامج تدريب خاصة بهم. حيث أكد وفقاً لتصريحه لجريدة اليوم السابع المصرية أن: "القتل الذى حدث للمشجعين فى هذه المباراة لم يكن قتلاً من بلطجية أو مشجعين، فطرق القتل التي استخدمت هي طرق عناصر مدربة، تهدف ليس للقتل فقط، ولكن لتشويه الجثث، وإثارة الرعب فطريقة لف الرقبة أكثر من 180 درجة حتى تعتصر بالكامل، وهي طرق عناصر مدربة أعلى التدريبات التى لم تصل حتى الآن إلى مصر. وحتى الرمي من فوق المدرجات حينما يقوم به الشخص العادي، أو حتى البلطجي، يقذف الضحية برفعه ثم رميه، ولكن الحال في الإستاد لم تكن كذلك. فمعظم من وقعوا كانوا يقعون على رأسهم مثل من يقفز من حمام السباحة". وتابع: "هذه الطريقة في الرمي تعتمد على الرفع من الأرجل ثم الرمي حتى لا يستطيع من يواجهك حتى مجرد التفكير فيما يحدث، وحينما يقع تكون الجثة مشوهة إلى أقصى درجة. وهذه الطرق تستخدمها الجيوش والفرق المدربة لإرعاب من في مواجهتهم، وتشكيل حرب نفسية تجاهه، وهذه الأساليب وغيرها حتى الآن، لم يتم التدرب عليها فى الجيش المصري، ولا يمكن أن تحدث من عدد من البلطجية بمحض الصدفة".
• توقيت جلسة النطق بالحكم مريب، ففي الوقت الذي يتم تأجيل جلسات محاكمات الضباط المتهمين بقتل الثوار وإبعادها عن احتمالات الغضب الشعبي الواسع، تأتي هذه الجلسة في توقيت قاتل. فالأحكام لو مخففة أو بالبراءة ستسبب غضباً عارماً للألتراس في أنحاء مصر على مستوى الجمهورية، وإما سيسبب فوضى في المدينة المتآمر عليها، وهو ما حدث بالفعل.(لا أتهم المحكمة بالتواطؤ في نظر القضية، لكنها محكومة بما أمامها من أدلة وشهادات واعترافات قد تكون غير مكتملة. وفي الوقت نفسه لا أستبعد أن يكون قد تم تلاعب مخابراتي لتحديد الجلسة في هذه التوقيت.)
• في بورسعيد: تم افتعال مواجهات مسلحة بين المتظاهرين والإسلاميين عموماً في أحداث مهاجمة مقرات الحرية والعدالة، وتم إطلاق أعيرة نارية في الهواء من بعض الملتحين قيل إنهم من الجماعة الإسلامية. وهي المدينة التي لم تشهد أيام الثورة الأولى فيها أية مواجهات عنيفة بين الشرطة والثوار بسبب طابعها التجاري الذي وقى أهلها من التعذيب في أقسام الشرطة - إلا بعض الاستثناءات - حيث كانت العلاقة بين التجار وقيادات الشرطة - ولا تزال - قائمة على تبادل المصالح والتفاهمات.
• في الإسماعيلية: تم افتعال مواجهات عنيفة كذلك بالتزامن مع أحداث مقرات حزب الحرية والعدالة، وتضافرت الشهادات على وجود شيء مريب فيها واضطر بعض الثوار ممن عرفوا برفض التخوين، بل حتى الترحيب بالعنف الشعبي ضد السلطة، أن يستخدموا كلمات مثل "عناصر مندسة" بين المتظاهرين لإحداث كذا وكذا.
• إقليم القناة هو أقرب الأقاليم التي يمكن عسكرة شوارعها للعاصمة بدعاوي مقنعة ومقبولة، وهو أكثر الأقاليم غير الحدودية ترحاباً بنزول الجيش في الشارع. ولو فتحنا الخريطة ووصلنا موقع العملية المشكوك في جديتها وجداواها "العملية نسر" ببور سعيد والسويس، المدينتين اللتين تمت عسكرة شوارعهما في الذكرى الثانية لاندلاع الثورة، سنجد أن الخطين الواصلين بين المنطقة الحدودية وبين ناصيتي القناة لهما رأسا سهمين يتجهان لمحاصرة العاصمة. وسنجد الفزاعة تشغر فاهها لتبدو وكأنها موجهة لالتهام الدلتا والقاهرة.
من المستفيد؟ وماذا يريد؟
من المهم أن نعرف أن الأجهزة الاستخباراتية المصرية مقسمة عرضياً لقطاعات جغرافية (بشكل رسمي)، وكل قطاع له أسلوب وتاريخ وتراث وعلاقات بينينة وخارجية مختلفة. وهي في الوقت ذاته منقسمة طولياً (بشكل تحليلي) إلى قطاعات يتفاوت مواقفها من الولاء الوطني إلى الولاء لرؤوس النظام التي قامت الثورة ضده.
ويمكن تقدير أن الاضطرابات لها طرفان مستفيدان؛ الطرف الأول هم الحريصون على الفوضى الانتقامية، والطرف الثاني هم المخططون لتوظيف الفوضى والتفزيع الأمني لإعادة ترتيب الأوراق داخلياً وإقليمياً بما يخدم مصالحهم، سواء السياسية أم الوظيفية أم الاقتصادية. وهو الطرف الذي سيساوم مرسي والإخوان على مكاسب سياسية ونفوذية استثنائية. وهو طرف عسكري أو خاضع للهيمنة العسكرية (فالمخابرات العامة يفترض أنها هيئة مدنية لكنها خاضعة تماماً للعسكريين).
للأسف وقع محمد مرسي في خطأ فادح بإعلان حالة الطواريء في إقليم القناة بالكامل لمدة ثلاثين يوماً، وهو ما يحقق مخطط العسكر الذي سبق وأن أشرت لبداية اتضاح ملامحه منذ شهرين. وقد كان بوسعه عدة حلول أخرى، آخرها على الإطلاق هو إعلان الطواريء في المدينتين المضطرتبن فقط، السويس وبور سعيد. فلم يكن هناك أي داع لإهداء العسكر محافظة الإسماعيلية، الأكبر مساحة وسكاناً وتنوعاً في إقليم القناة، فهي لم تشهد اشتباكات موسعة ولا حرب شوارع كالتي شهدتاها مدينتا السويس وبور سعيد. لكن الإسماعيلية بمنظور الخرائط الاستراتيجية تعد ثغرة كبيرة تفصل ناصيتي القناة التي يريد العسكر فرض الهيمنة عليها.
والأهم من ذلك أنه بحكم العسكر للإسماعيلية فقد تم عزل سيناء عن وادي النيل، إلا إذا سمحوا بغير ذلك. فمحافظات القناة الثلاث تمتد حدودها الإدارية مقتطعة من شبه جزيرة سيناء مساحات ليست صغيرة على الضفة الشرقية للقناة. وبإمكان العسكر الآن أن يقطعوا المواصلات بين سيناء والوادي في فترة حظر التجوال (نفق الشهيد أحمد حمدي بالسويس - كوبري السلام بالإسماعيلية - المعديات البحرية في الإسماعيلية وبورسعيد).
يحكم العسكر الآن فعلياً ثلاثة أقاليم في مصر ليس للدولة المدنية أي سلطان عليها إلا بإذنهم. أولاً: سيناء المحكومة بالمخابرات العسكرية في كافة شؤونها، ثانياً: الحزام الحدودي الجنوبي والغربي، فضلاً عن محافظة البحر الأحمر، ومؤخراً: إقليم القناة كاملاً بقرار من عضو مكتب إرشاد الإخوان المسلمين حديث العهد برئاسة أكبر بلد عربي. وهو خطأ استراتيجي مركب قد يكلفه كرسي الرئاسة، أو على الأقل كثيراً من صلاحياته. فالعسكر يحاصرون العاصمة بنعومة وخطوتهم القادمة هي العاصمة نفسها، إلا أن يريد الشعب أمراً آخر فيستجيب القدر.
منذ ثلاثة أسابيع تقريباً اندلعت معركة بالأسلحة النارية في شارع السلطان حسين بالإسماعيلية بين ما قيل إنهم تجار المخدرات، وكان مشهداً مروعاً غير مألوف في المدينة الهادئة. والآن أمام العسكر تحدٍ أن يفرضوا الانضباط في شوارع مدن القناة ليثبتوا للرأي العام أن حكم العسكر أقوى وآمن من حكم الإخوان. فلديهم فرصة ذهبية لصنع نموذج ناجح مصغر لتسويقه سياسياً وجماهيرياً مخاطبين حاجة الناس للأمن، ليقولوا إن نار الجيش أهون من جنة الإخوان ونهضتهم المزعومة. لذلك فإن إعلان الطواريء قد يكون البداية الفعلية لانتهاء حكم الإخوان من وجدان الشعب، ثم الخضوع لهيمنة غير مسبوقة للعسكر على الحياة المدنية، أو الإتيان برئيس أكثر انبطاحاً لهم.
لا يزال في جعبة الثورة الكثير على مدار سنتين من عمر الثورة المصرية تكرر خطأ كل المؤسسات والتنظيمات الفاعلة في المشهد العام، بدءاً من نظام مبارك وأجهزته مروراً بالمجلس العسكري ثم لإخوان والأحزاب وغيرهم من عاشقي الهياكل التنظيمية الهرمية. الكل يرتكب خطئية إهمال قوة الحشود السائلة التي تندلع وفقاً للضرورة بلا توجيه من قادة أيديولوجيين ولا مهابة من سلطة غاشمة. وعلى هذه الحشود ينعقد الأمل في مواجهة مخطط العسكرة.
لم تشهد الإسماعيلية ما شهدته السويس وبورسعيد من اضطرابات موسعة في الشوارع، وهي أكثر المحافظات تضرراً من حالة الطواريء وحظر التجوال غير المبرر. لذلك يمكن للثوار والناشطين فيها إقامة حملات ضد التواجد العسكري في شوارع الإسماعيلية، قد يكون مثلاً بتدشين حملة تحت عنوان "اتنين مالهمش أمان .. العسكر والإخوان" يتم دمج فيها عروض حملتي "عسكر كاذبون" و"كاذبون باسم الدين".
وإذا كان من المتوقع أن يتم اختيار ألطف الضباط في التعامل مع المدنيين ليكونوا في شوارع مدن القناة، وأن يلتزم الجنود بالتهذيب في القول وضبط النفس في ردود الأفعال مع عموم المواطنين (مع عينة من الردع الجسدي والمعنوي العنيف لقلة من المشتبه بهم أو المجرمين لزوم العين الحمراء)، فمن المهم تحفيز الناس وشحنهم ضد العسكر، ولو بالافتعال، ورفض وجود العسكر بالشوارع، ودوام التذكير بإجرام العسكر في حق المدنين العزل من أطباء المستشفيات الميدانية والنساء والأطفال ودهس المواطنين بالمدرعات والاعتداء على حرمة المساجد ومذابح شارع محمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية.
كذلك على القادة الميدانيين من الثوار واجب كبير في مدن القناة، فبسبب ضعف الخبرة الميدانية للثوار والنشطاء هناك - في الغالب - يسهل اختراق صفوفهم من المحرضين من عناصر المخابرات (وهو ما شهدته بعيني في بور سعيد). وعلى الساسة دوام الإتصال بالمصادر الموثوقة من مدن القناة لتقدير التطورات أولاً بأول. وإذا كان الأمل مفقوداً في استجابة الإخوان لنصح بعض الحكماء فيما يخص مواجهة الشارع وإحتجاجاته، فإنه قد يكون مفيداً أن يحاول هؤلاء الناصحين مع الإخوان لإلغاء حالة الطواريء بالإسماعيلية والتعامل مع العسكر من منظور تكتيكي يستهدف إفساد – أو على الأقل تعطيل – إستراتيجيتهم.
لقد ضيّع الفاعلون السياسيون والثوريون فرصتين لاستباق مخططين سابقين متعلقين بسيناء، ووقع المكروه وتم توظيف فزاعة سيناء جيداً، ونال العسكر وضعاً دستورياً استثنائياً، وصلاحيات واسعة في سيناء بقوة القوانين، لا مجرد النفوذ العرفي والإداري. لكن الأمل لا يزال معقوداً على التحرر الثوري المدني، فقط إذا تحرر الخيال من عقلية المساومة إلى المقاومة والصمود.
- روابط ذات صلة:
- تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن تقصي الحقائق في مجزرة إستاد بورسعيد.
- مقال رأي يوجه فيه الباحث الاتهام لأجهزة المخابرات بتدبير المجزرة.
- طلب محمد البلتاجي، عضو لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، والقيادي الإخواني استدعاء قادة المخابرات للتحقيق معهم في مجزرة إستاد بورسعيد (وذلك قبل أن يوجه الإتهام صراحة على حسابه الشخصي على مواقع التوصل الاجتماعي، ثم يعاود التليمح بعد التصريح).
- شهادة خبير الاشتباكات القتالية أشرف سليمان لجريدة اليوم السابع عن التقنية المستخدمة في قتل ضحايا مجزرة بورسعيد